يحكى أن رجلا كان يعيش في قرية صغيرة مع زوجته. عرف الرجل سامر بكرمه مع جميع الناس بغض النظر عن سنهم أو مكانتهم الاجتماعية. وكأي زوجان آخران، إرادا تكوين عائلة وأن يكون لهم أطفال وأحفاد، ولكن لم يقدر لهم ذلك. لم تستطع نوره إنجاب أطفال لسامر، لذا شعرت بالنقص دائمًا بالرغم من انهم عائله متدينه ويعلمون أن هذا بيد الله سبحانه وتعالى.
في يوم من الايام خرج سامر من منزله متجها الى عمله كأي يوم عادي. وفي الطريق لمح طفلا صغيرًا في الشارع، حافي القدمين، يرتدي ملابسًا باليةً. توجه سامر نحو الطفل وسأله عن اسمه. لم يجاوب الطفل فكرر سامر سؤاله ولكن دون جدوى. سكت سامر لبرهة وسأله عن عمره، رفع الطفل رأسه وأطال النظر ثم رفع يديه وأشار إلى الرقم ٤.وبعد محاولات عديدة من سامر، عرف أن اسم الطفل ماجد وأنه في الرابعة من عمره، وعرف أيضا بأنه يتيم ومشرد، لم يتردد سامر واخذ الطفل معه الى المنزل. حممه وأطعمه وسقاه ومن ثم اشترى له ملابس جديدة بدلا من ثيابه القديمة. اسكنت العائله ماجد في الغرفه الخارجيه، أكرماه وعاملاه معاملة طيبة، كما لو أنه فرد من العائلة.
بعد مرور عام امتلأ البيت بهجة وسرور بخبر حمل نوره، كان الزوجان سعيدان بهذا الخبر المفرح فقد انتظرا هذا الخبر منذ سنوات عديدة. مرت الشهور ووضعت نوره مولودها، صبي جميل ومعافى، سموه محمد. كبر محمد و ماجد كالاخوة، يتشاركان في كل شي. لم يشعر ماجد بأنه دخيل في العائلة، بل العكس تماما. وفي يوم من الايام حصل ما لم يكن بالحسبان. نهض محمد من نومه وكعادته ذهب راكضا لماجد ولكن لم يكن في غرفته. بحث عنه في أرجاء المنزل ولم يجده. اخبر والديه واخذا يبحثان عنه في كل مكان ولكن دون جدوى. بلغت العائله السلطات للبحث عنه ولم يكن له أي أثر.
مرت الشهور والسنين وماجد مفقود. أثرت هذه الحادثة في العائله كلها فقد اعتبروه فرد منهم. كبر سامر في السن وإصابته أمراض عديدة عانى منها، حتى توفى وسط حزن عائلته عليه. كان موت سامر خبر صادم لاهله، فقد كانوا عائله مترابطه سعيدة إلى حد ما. بعد موته تدهورت الحاله الماديه والنفسيه لنوره و ابنها محمد بشدة. اضطرا لبيع بيتهم لكي يجدوا ما يأكلون. انتهى بهم الحال مشردين بلا ماوى، وطعام بالكاد يكفيهم.
بعد مدة من الزمن،انتشر في القرية خبر قدوم احد اغنياء البلد، لم يعرفوا من هو ولكن انتشرت معلومه أنه ابن اكبر تاجر حرير. تجهز الجميع لرؤيته عدا عائله سامر، كانوا مشغولون في الركض خلف رزقهم. بينما كان محمد يجمع قوارير البلاستيك الفاضيه من الأرض لبيعها. سمع صوت يناديه من خلفه. التفت اليه واذا به يرى ماجد، صديقه واخوه. ركض نحوه وعانقه بشدة ثم سأله عن حاله وماذا جرى له. أخبره ماجد عن اخر اخباره، وبانه وجد أهله المفقودين و بان اباه تاجر حرير. فرح محمد بقدوم صديقه وفي نفس الوقت كان يلومه على غيبته الطويلة. فرح ماجد برؤية نوره ولكن سرعان ما اختفت الابتسامه بعد معرفة خبر وفاة سامر فقد كان بمثابة الأب له.
عرف ماجد بان نوره ومحمد كانا يعانيان من مشاكل مادية فقدم لهما مزرعة متوسطة الحجم ليعيشا ويعملا فيها ويأكلا من خيرها. ومن بعد هذا اليوم عاش كلٌ من نوره و ابنها محمد حياةً سعيدة ًهنيه في مزرعتهم الجديدة وكان ماجد يزورهما دائما ليعوضهم فترة حرمانه منهم.
قال تعالى في سورة سبأ: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}،[٨] أيّ ان ما أنفقتم في رضا الله -عز وجل- فهو يخلفه في الدنيا بالمال أو بالقناعة وفي الآخرة بالجزاء المضاعف. حثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في شريعته الإسلاميّة على التخلّق بصفة الكرم، لما لها من أجرٍ عظيمٍ عند الله -سبحانه وتعالى - فالكرم يزيد البركة في الرزق والعمر
Comments